في خطوة طموحة تهدف لتدريب الفتيات في مجال البلوكشين، أعلنت منصة التداول العالمية "بيتجيت" (Bitget) عن شراكة استراتيجية مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في لوكسمبورغ، تركز هذه الشراكة التي تمتد لثلاث سنوات على تمكين الفتيات والشابات في ثماني دول نامية من خلال تزويدهن بمهارات المستقبل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، مع تركيز خاص على تقنية البلوكشين.
![]() |
حفل توقيع اتفاقية اليونيسف مع بيتجيت في لوكسمبورغ. المصدر: بيتجيت |
هذه المبادرة ليست مجرد دورة تدريبية عابرة، بل هي استثمار طويل الأمد في بناء جيل من القائدات الرقميات القادرات على قيادة التحول التكنولوجي في مجتمعاتهن. تدريب الفتيات في مجال البلوكشين أصبح حاجة ملحة في عالم يزداد اعتماداً على الرقمنة، وتهدف بيتجيت واليونيسف من خلال هذا التعاون إلى تمهيد الطريق لمستقبل أكثر شمولاً وعدالة في القطاع التكنولوجي.
تفاصيل الشراكة وأهدافها الاستراتيجية
انضمت منصة Bitget رسمياً إلى ائتلاف صانعي التغيير (Game Changers Coalition) الذي يقوده مكتب الابتكار في اليونيسف، وذلك خلال حفل توقيع أقيم مؤخراً. هذا الائتلاف يضم جهات فاعلة رئيسية مثل "التحالف العالمي لألعاب الفيديو" و"مؤسسة ميكرون" و"نساء في الألعاب"، وجميعها تتشارك هدفاً طموحاً: تمكين 1.1 مليون فتاة وامرأة بالمهارات التكنولوجية والبلوكشين بحلول عام 2027.
مواضيع ذات صلة:
الأطراف الداعمة والتمويل
التمويل الأساسي: تدعم منصة Bitget هذا الجهد الضخم من خلال مبادرة "Blockchain4Her" التابعة لها، والتي خصصت لها ميزانية قدرها 10 ملايين دولار أمريكي.
نموذج الدعم: لا تقتصر المبادرة على التدريب التقني فقط، بل تشمل:
- برامج الإرشاد والتوجيه (Mentorship).
- توفير الموارد التعليمية المتخصصة والمصممة حسب الاحتياج.
- الدعم المالي لضمان استمرارية المشاريع الناشئة.
أعمدة الداعمين الرئيسيين وأدوارهم:
الداعم / الشريك | الدور الرئيسي في المبادرة |
---|---|
بيتجيت (Bitget) | التمويل الرئيسي (10 مليون دولار)، تطوير المحتوى التعليمي، ربط خبراء البلوكشين |
اليونيسف لوكسمبورغ | قيادة ائتلاف صانعي التغيير، التنفيذ الميداني، الوصول للمجتمعات المستهدفة |
ائتلاف صانعي التغيير | تنسيق الجهود بين الشركاء، توسيع نطاق التأثير، تبادل المعرفة |
خبراء البلوكشين والويب 3 | تقديم الإرشاد الفني، المشاركة في تطوير المناهج، تقديم الدعم العملي |
الفئة المستهدفة ونطاق التغطية الجغرافية
تستهدف المبادرة بشكل أساسي الفتيات المراهقات (من عمر 13 إلى 19 سنة) في المراحل التعليمية الحساسة، لكن نطاق التأثير يتسع ليشمل:
- المعلمين والمعلمات: لضمان استدامة نقل المعرفة.
- الآباء والأمهات: لخلق بيئة داعمة في المنزل.
- المرشدين والمرشدات: لقيادة المجموعات المحلية.
سيتم تنفيذ البرنامج على مدى ثلاث سنوات في ثماني دول تم اختيارها بعناية لتمثل مناطق متنوعة وتحديات مختلفة:
- أرمينيا (أوروبا/آسيا)
- البرازيل (أمريكا اللاتينية)
- كمبوديا (جنوب شرق آسيا)
- الهند (جنوب آسيا)
- كازاخستان (آسيا الوسطى)
- ماليزيا (جنوب شرق آسيا)
- المغرب (شمال أفريقيا)
- جنوب أفريقيا (جنوب أفريقيا)
لماذا التركيز على تدريب الفتيات في مجال البلوكشين؟
يأتي هذا البرنامج الطموح لمواجهة تحديات حقيقية ومثبتة:
- فجوة الفرص الاقتصادية: تُقدّر الدراسات أن الفتيات والنساء الشابات في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط يخسرن ما يقارب 15 مليار دولار من الفرص الاقتصادية سنوياً مقارنة بنظرائهن الذكور، ويعزى السبب الرئيسي إلى محدودية الوصول للإنترنت وغياب المهارات الرقمية الأساسية.
- متطلبات سوق العمل: أكثر من 90% من الوظائف المتاحة حالياً تتطلب مستوى معيناً من الكفاءة الرقمية، وهو اتجاه يتسارع مع التطور التكنولوجي. عدم امتلاك هذه المهارات يعني الاستبعاد فعلياً من فرص العمل اللائقة.
- الفجوة النوعية في التكنولوجيا: لا يزال تمثيل المرأة في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة مثل البلوكشين والذكاء الاصطناعي ضعيفاً جداً على مستوى العالم. تدريب الفتيات في مجال البلوكشين منذ سن مبكرة هو الحل الجذري لبناء خطوط أنابيب مواهب متنوعة (Pipeline Diversity).
- التمكين المالي والاستقلالية: تمنح تقنيات مثل البلوكشين إمكانيات هائلة للشمول المالي والتحكم في الأصول وإنشاء مشاريع خاصة، مما يعد طريقاً مباشراً لتمكين الفتيات اقتصادياً وضمان استقلاليتهن.
منهجية التعليم: الدمج بين الإبداع والتكنولوجيا
تعتمد المبادرة على أساليب تعليمية مبتكرة تهدف لجعل تعلم تقنيات معقدة مثل البلوكشين ممكناً وجذاباً للشابات.
التعلم عن طريق أكاديمية بيتجيت
ستلعب "أكاديمية بيتجيت" (Bitget Academy)، الذراع التعليمي للمنصة، دوراً محورياً في تصميم وتطوير أول وحدة تدريب تفاعلية في البلوكشين لليونيسف. ستتميز هذه الوحدة بـ:
- التعلم المدمج (Blended Learning): دمج جلسات أونلاين مرنة مع ورش عمل مباشرة في المجتمعات المستهدفة، لضمان الوصول وتقديم الدعم العملي.
- التركيز على التطبيق العملي: تجنب النظريات المجردة والتركيز على كيفية عمل التقنية واستخداماتها الواقعية.
التعلم من خلال صناعة الألعاب
يعد "إعداد الألعاب" (Gamification) حجر الزاوية في المنهجية التعليمية:
- التعلم عبر اللعب: سيتم تعليم أساسيات البلوكشين (مثل العقود الذكية، المعاملات الآمنة، إدارة الأصول الرقمية) من خلال برمجة وإنشاء ألعاب فيديو بسيطة تستخدم هذه المفاهيم.
- كسر التعقيد: "تحويل التعلم إلى لعبة يكسر المواضيع المعقدة إلى جوهرها البسيط"، كما أوضحت "غراسي تشين"، الرئيس التنفيذي لمنصة بيتجيت. "نحو 3.3 مليار شخص حول العالم يلعبون الألعاب، فمن الطبيعي أن نتعلم بشكل أفضل عندما تكون بيئتنا تفاعلية وداعمة".
- تحفيز الإبداع وحل المشكلات: تصميم الألعاب يتطلب التفكير المنطقي والإبداع ومهارات حل المشكلات، وهي نفس المهارات الأساسية اللازمة للنجاح في مجال البلوكشين والتكنولوجيا بشكل عام.
التعلم من خلال الابتكار التكنولوجي
لا تتوقف الابتكارات عند إعداد الألعاب، بل تستفيد المبادرة من أحدث التقنيات لتعزيز الفعالية:
- الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI): يتم استكشاف استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجارب التعلم، وإنشاء محتوى تعليمي تفاعلي، وتقديم مساعدات دراسية ذكية، مما يجعل اكتساب المهارات الرقمية المتخصصة أسهل وأكثر سلاسة. (يشبه هذا النهج مبادرة "Giggle Academy" التي أطلقها تشانغ بينغ تشاو).
- المناهج القابلة للتطوير (Scalable): يعمل الشركاء على تطوير نموذج تعليمي يمكن تكييفه ونشره بسهولة في سياقات وبلدان مختلفة، بهدف دمج تعليم البلوكشين في المناهج التعليمية العالمية على المدى الطويل.
- الربط مع خبراء الصناعة: ستقوم منصة بيتجيت بدور الجسر، حيث ستربط اليونيسف مع كبار مطوري بروتوكولات البلوكشين والويب 3 (Web3)، ليكونوا بمثابة مرشدين وشركاء، ويقدموا وجهات نظر تقنية متنوعة وخبرات عملية للبرنامج.
تدريب الفتيات في مجال البلوكشين: الأثر المتوقع والرؤية المستقبلية
تهدف الشراكة المميزة بين منصة بيتجيت ومنظمة اليونيسف إلى إحداث تغيير حقيقي في حياة الفتيات من خلال تدريب الفتيات في مجال البلوكشين ومهارات التكنولوجيا الحديثة (STEM) على مدى ثلاث سنوات، حيث تستهدف المبادرة أكثر من 300,000 فتاة وشابة في عدة دول.
هذا التدريب سيساعد على:
- تقليص الفجوة الرقمية بين الذكور والإناث، من خلال منح الفتيات فرصًا متساوية في التعلم واكتساب المهارات.
- تمكين اقتصادي حقيقي، إذ ستتمكن المشاركات من العمل في مجالات التكنولوجيا أو إطلاق مشاريع خاصة باستخدام تقنيات مثل البلوكشين، ما يحسّن من دخلهن ووضع أسرهن.
- بناء جيل جديد من القائدات في مجال التكنولوجيا، من خلال تكوين شبكات من المعلمات والمرشدات داخل المجتمعات المحلية لضمان استمرارية نقل المعرفة.
- تغيير الصورة النمطية السائدة حول دور المرأة في مجالات مثل التقنية والمالية، وتشجيع الفتيات على دخول هذه المجالات بثقة.
- ابتكار حلول محلية باستخدام تقنية البلوكشين، مثل تطوير أنظمة شفافة للخدمات، تتبع سلاسل التوريد، إدارة الهوية الرقمية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات المالية.
خلاصة الموضوع
شراكة بيتجيت واليونيسف لتدريب 300 ألف فتاة في مهارات البلوكشين عبر ثماني دول ليست مجرد برنامج خيري، بل هي استثمار استراتيجي في مستقبل أكثر إشراقاً وإنصافاً في الفضاء الرقمي العالمي. إن تمكين الفتيات والشابات، خاصة في المناطق الأقل حظاً، بالمهارات التكنولوجية المتقدمة مثل البلوكشين، هو مفتاح لتحقيق التمكين الاقتصادي الحقيقي، وتعزيز الابتكار، وبناء اقتصادات رقمية شاملة.
تدريب الفتيات في مجال البلوكشين اليوم يعني بناء جيل من الرائدات القادرات على قيادة التحول الرقمي غداً، وضمان أن تكون تقنيات المستقبل صُممت وُقِيدت بواسطة عقول متنوعة تمثل نصف المجتمع. هذه المبادرة تمثل خطوة عملية وجريئة نحو سد الفجوة الرقمية بين الجنسين.