في خطوةٍ تستهدف تعطيل التمويل غير المشروع، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوباتٍ على ثمانية عناوين لمحافظ عملات رقمية، تُنسب إلى منصة تداول العملات الرقمية Garantex الروسية وحركة الحوثيين في اليمن.
وجاءت هذه الإجراءات بعد تحقيقاتٍ أجرتها شركات متخصّصة في تحليل سلاسل الكتل (Blockchain)، كشفت عن تحويلات مالية تقارب قيمتها مليار دولار لدعم أنشطة الحوثيين العسكرية، وفقاً لبيانات وزارة الخزانة الأمريكية.
تفاصيل اعتقال المؤسس المشارك في منصة Garantex
ألقت السلطات الهندية القبض على أليكسي بيشوكوف (46 عاماً)، المؤسس المشارك والمشرف التقني لمنصة Garantex، أثناء إجازته مع عائلته في مدينة فاركالا الساحلية بولاية كيرالا الهندية، بناءً على طلب أمريكي بموجب قانون الترحيل الهندي لعام 1962.
حاول بيشوكوف مقاومة الاعتقال وعرض رشوة على الضباط، لكن محاولاته باءت بالفشل.
يُنتظر أن يُحاكم في محكمة دلهي تمهيداً لترحيله إلى الولايات المتحدة، حيث يواجه ثلاث تهم رئيسية:
- التآمر لغسل الأموال (عقوبة تصل إلى 20 سنة).
- انتهاك قوانين الطوارئ الاقتصادية الدولية (20 سنة إضافية).
- تشغيل أعمال تحويل أموال دون ترخيص (5 سنوات).
حجم العمليات المالية غير المشروعة عبر Garantex
كشفت تحليلات سلاسل الكتل (Blockchain) أن المنصة الروسية تعاملت مع أكثر من 96 مليار دولار من العملات الرقمية منذ تأسيسها عام 2019، وفقاً لوثائق وزارة العدل الأمريكية.
شملت هذه المعاملات تحويلات لصالح:
- جماعات قرصنة إلكترونية مثل "كونتي" و"هيدرا"، والتي استهدفت بنية تحتية حيوية في الولايات المتحدة وأوروبا.
- الجيش الليزريني الكوري الشمالي (Lazarus Group)، المُتهم بسرقة 1.5 مليار دولار من منصة "بايبت".
- تهريب المخدرات عبر شبكات دولية، وتمويل الحوثيين في اليمن.
التعاون الدولي لإسقاط garantex
شملت الحملة ضد المنصة جهوداً مشتركة من:
- الولايات المتحدة: تجميد 27 مليون دولار من أصول المنصة، ومصادرة ثلاثة نطاقات إلكترونية تابعة لها (garantex.org, garantex.io, garantex.academy) 58.
- ألمانيا وفنلندا: مصادرة الخوادم التي تدعم عمليات المنصة، بالتعاون مع FBI.
- الهند: تعزيز التعاون الأمني مع واشنطن بعد اعتقال بيشوكوف، خاصة في ظل تصاعد استخدام العملات الرقمية في الجرائم العابرة للحدود.
آليات التمويل الخفي للحوثيين عبر العملات الرقمية
أشارت تقارير Chainalysis إلى أن الحوثيين اعتمدوا على محافظ رقمية غير خاضعة للرقابة لتمويل هجماتهم في البحر الأحمر، مستغلين:
- اللامركزية في شبكات مثل USDT (Tether) لتحويل الأموال بسرعة.
- منصات صرافة وهمية تُدار من مناطق صراع لتبييض الأموال.
وقد نجحت الولايات المتحدة في تعقب وتحجيم جزء من هذه الشبكة عبر تجميد الأصول المُشار إليها.
وأشارت وثيقة العقوبات إلى أن "أنشطة الحوثيين تهدد أمن المدنيين والعسكريين الأمريكيين في الشرق الأوسط، واستقرار التجارة البحرية العالمية"، خاصة بعد الحملة العسكرية الأمريكية الأخيرة التي استهدفت مواقع الجماعة.
محاولة تنشسط منصة Garantex تحت اسم جديد
تأتي منصة "غارانتكس" الروسية في صدارة الجهات المُستهدفة بالعقوبات، بعد اتهامها بتسهيل عمليات غسل الأموال عبر العملات الرقمية. وكانت السلطات الأمريكية قد أوقفت نشاط المنصة في مارس الماضي، ما دفع شركة Tether (المُصدرة للعملة المستقرة USDT) إلى تجميد 27 مليون دولار من أصولها.
بعد العقوبات الأمريكية الأولى عام 2022، حاولت المنصة إعادة تنشيط عملياتها تحت اسم "Grinex"، وفقاً لتقارير أمنية، لكن الحملة الدولية الأخيرة أوقفت هذه المحاولات
تأثيرات متوقعة على قطاع العملات الرقمية
تُعد هذه العقوبات جزءاً من حملة أوسع تشنها واشنطن لضبط استخدام العملات الرقمية في الأنشطة غير القانونية. ومن المتوقع أن تدفع هذه الإجراءات الشركات العاملة في القطاع إلى تعزيز آليات المراقبة الداخلية، بينما قد تواجه المنصات اللامركزية مزيداً من التدقيق القانوني.
كما تُسلط الضوء على تحوّل العملات المشفرة إلى ساحة جديدة في الصراعات الدولية، حيث تُستخدم كأداة لتمويل العمليات العسكرية وتجنب العقوبات المالية التقليدية، ما يفرض تحدياتٍ غير مسبوقة على الجهود الأمنية العالمية.
هذه الخطوة الأمريكية تعكس تصاعد الاعتراف بدور التكنولوجيا المالية في تشكيل التحركات الجيوسياسية، وتُذكّر بأهمية تطوير أدوات رقمية متطورة لمواكبة تكتيكات التمويل الخفي، في ظل عالمٍ يزداد اعتماداً على الأصول الرقمية.