في السنوات الأخيرة، ظهرت تكنلوجيا الواقع الافتراضي (VR) كتقنية تحويلية، تعيد تشكيل الطريقة التي نتفاعل بها مع البيئات الرقمية، وتقدم تجارب غامرة تتجاوز حدود العالم المادي.
ولكن ما هو الواقع الافتراضي بالضبط وما هي أهم مجالات استخدامه؟
عندما نتحدث عن الواقع الافتراضي (VR)، يفكر الكثير منا في أفلام الخيال العلمي. إلا أن الحقيقة شيئ آخر، مع التطورات السريعة في التكنولوجيا، أصبح الواقع الافتراضي أداة قوية تتجاوز حدود الألعاب والترفيه لتشمل مجموعة واسعة من التطبيقات العملية في العديد من المجالات. في هذه المقالة، سنلقي نظرة على الواقع الافتراضي وكيف ساهمت هذه التقنية في تحسين وتطوير القطاعات المختلفة مثل التعليم والتدريب، الترفيه، الرعاية الصحية، التصميم الهندسي، العقارات، وغير ذلك.
ما هو الواقع الافتراضي؟
الواقع الافتراضي (VR) هو عبارة عن مساحة افتراضية أو بيئة افتراضية، يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر تحتوي على مشاهد وأشياء تبدو حقيقية، مما يجعل المستخدم يشعر كما لو أنه موجود فعليًا هناك. ويتم إدراك هذه البيئة من خلال بعض الأجهزة مثل نظارات الواقع الافتراضي وسماعة الرأس الواقع الافتراضي. كما يتيح لنا الواقع الافتراضي على سبيل المثال، الانغماس في ألعاب الفيديو كما لو كنا أحد الشخصيات.
قد يبدو للبعض أن الواقع الافتراضي بعيدا للغاية، إلا أن تاريخ نشأته ليس حديثا كما نعتقد. حيث أن إحدى أجهزة الواقع الافتراضي الأولى كانت تسمى Sensorama، التي أنشأها مورتون هيليج في عام 1962، وهي آلة ذات مقعد مدمج تقوم بتشغيل أفلام ثلاثية الأبعاد، وتطلق روائح وتولد اهتزازات لجعل التجربة مفعمة بالحيوية قدر الإمكان.
فئات الواقع الافتراضي
توفر ثلاثة أنواع من تجارب الواقع الافتراضي مستويات مختلفة من المحاكاة التي يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر.الواقع الافتراضي غير الغامر: غالبًا ما يتم التغاضي عن هذه الفئة باعتبارها فئة الواقع الافتراضي لأنها شائعة جدًا. حيث تتميز تقنية الواقع الافتراضي غير الغامرة ببيئة افتراضية يتم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر، ويظل المستخدم في الوقت نفسه على دراية ببيئته المادية ويتحكم فيها. ومن بين الأمثلة الرئيسية على الواقع الافتراضي غير الغامر هي ألعاب الفيديو.
الواقع الافتراضي شبه الغامر: يوفر هذا النوع من الواقع الافتراضي تجربة تعتمد جزئيًا على بيئة افتراضية. يعد هذا النوع من الواقع الافتراضي منطقيًا للأغراض التعليمية والتدريبية باستخدام الحوسبة الرسومية وأنظمة العرض الكبيرة، مثل أجهزة محاكاة الطيران للمتدربين الطيارين.
الواقع الافتراضي الغامر: في الوقت الحالي، لا توجد تقنيات واقع افتراضي غامرة تمامًا، ولكن التطورات سريعة جدًا لدرجة أنها قد تكون قاب قوسين أو أدنى. هذا النوع من الواقع الافتراضي يولد تجربة المحاكاة الأكثر واقعية، من البصر إلى الصوت وحتى في بعض الأحيان الأحاسيس. تعتبر ألعاب سباقات السيارات مثالاً للواقع الافتراضي الغامر الذي يمنح المستخدم الإحساس بالسرعة ومهارات القيادة. تم تطويره للألعاب وأغراض الترفيه الأخرى، ويتزايد استخدام الواقع الافتراضي في قطاعات أخرى.
الفرق بين الواقع الافتراضي والواقع المعزز
على الرغم من كونها تقنية نشأت منذ عقود مضت، إلا أن الكثير من الناس ما زالوا غير معتادين على مفهوم الواقع الافتراضي. ومن الشائع أيضًا الخلط بين مصطلح الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
والفرق الرئيسي بين الاثنين هو أن الواقع الافتراضي هي تكنلوجيا قائمة على إسقاط الأجسام الحقيقية في بيئة افتراضية، لبناء العالم الذي ننغمس فيه من خلال سماعة رأس ونظارات معينة. إنها غامرة تمامًا، وكل ما نراه هو جزء من بيئة تم إنشاؤها بشكل مصطنع من خلال الصور الرمزية والأصوات وما إلى ذلك.
من ناحية أخرى، الواقع المعزز (AR)، قائم على إسقاط الأجسام الافتراضية والمعلومات كالصور والفيديوهات والمعلومات في بيئة المستخدم الحقيقية. حيث يستطيع المستخدم التفاعل مع هذه الأجسام الافتراضية من خلال عدة اجهزة كالكمبيوتر والهاتف الذكي.
ومع ذلك، هناك أيضًا مزيج من كلا الواقعين يسمى الواقع المختلط. تتيح هذه التكنولوجيا الهجينة، على سبيل المثال، رؤية الأشياء الافتراضية في العالم الحقيقي وبناء تجربة لا يمكن فيها التمييز بين المادي والرقمي.
ما هي الأجهزة التي يستخدمها الواقع الافتراضي؟
تشتمل أجهزة الواقع الافتراضي على ملحقات حسية مثل وحدات التحكم، بالإضافة إلى سماعات الرأس الواقع الافتراضي، وأجهزة تتبع اليد، وأجهزة المشي، والكاميرات ثلاثية الأبعاد للمبدعين.
سماعات الواقع الافتراضي
سماعة الواقع الافتراضي هو جهاز مثبت على الرأس، مثل النظارات الواقية. فهي عبارة عن شاشة عرض مرئية. تشتمل سماعات الرأس غالبًا على أحدث أجهزة استشعار أو كاميرات لتتبع حركة الصوت أو العين أو الرأس. وهناك ثلاث أنواع رئيسية من سماعات الرأس:
- سماعات الرأس الواقع الافتراضي المستندة إلى الكمبيوتر الشخصي.
- سماعات الرأس الواقع الافتراضي المستقلة.
- سماعات الرأس الواقع الافتراضي المحمولة.
ملحقات الواقع الافتراضي
ملحقات الواقع الافتراضي هي منتجات أجهزة تسهل تقنية الواقع الافتراضي. الأجهزة الجديدة قيد التطوير دائمًا لتحسين التجربة الغامرة. تشمل ملحقات اليوم الفأرة ثلاثية الأبعاد، وأجهزة التتبع البصرية، والقفازات السلكية، وأجهزة التحكم في الحركة، والبدلات الداخلية، وأجهزة المشي، وحتى أجهزة الشم.
ما هي البرامج التي يستخدمها الواقع الافتراضي؟
لبناء الواقع الافتراضي يستخدم المطورون برامج مختلفة، والتي تشمل برامج منصات الواقع الافتراضي الاجتماعية، ومجموعات تطوير برامج الواقع الافتراضي، وبرامج التصور، وإدارة المحتوى، ومحركات الألعاب، وأجهزة محاكاة التدريب.
- برامج منصات الواقع الافتراضي الاجتماعية: يتعاون المستخدمون من مواقع بعيدة في الواقع الافتراضي باستخدام هذه البرامج.
- برامج أنظمة إدارة محتوى الواقع الافتراضي: تستخدم الشركات مكان العمل هذه البرامج لجمع محتوى الواقع الافتراضي وتخزينه وتحليله في موقع مركزي.
- برنامج تصور الواقع الافتراضي: يختبر المستخدمون البيانات المجمعة في بيئة افتراضية. لفهم ما تعنيه البيانات بشكل كامل.
- برنامج VR Game Engine: يستخدم المطورون هذه البرامج لإنشاء تجربة ألعاب فيديو VR.
- مجموعة أدوات تطوير برامج الواقع الافتراضي (SDK): توفر مجموعات تطوير البرامج (SDK) قاعدة لتصميم تجارب الواقع الافتراضي وإنشائها واختبارها.
- برنامج محاكاة تدريب الواقع الافتراضي: يعمل هذا البرنامج في أي صناعة تقريبًا لتدريب الموظفين في بيئات افتراضية غامرة.
أهم مجالات استخدام الواقع الافتراضي
تم استخدام الواقع الافتراضي لأول مرة في الألعاب، ثم توسع استخدام هذه التقنية في عدة مجالات مختلفة، وهي كالتالي:
التدريب والتعليم
أحد أكثر هذه الطرق وضوحًا هو استخدام الواقع الافتراضي في تدريب الموظفين من مزلهم، وهذا حاليا قد يتطلب استخدام سماعة الرأس. كما أن هذه التقنية تمكن الطلاب من التعلم بطريقة تجريبية، إضافة إلى الاستفادة من المعلمين حول العالم.
الرعاية الصحية
من أبرز استخدامات الواقع الافتراضي في مجال الرعاية الصحية هو تدريب الجراحين. إضافة إلى استخدام هذه التقنية لمساعدة المرضى الذين يعانون من اضطرابات مثل القلق أو فقدان الشهية. سيكون من المفيد في كلية الطب مساعدة الطلاب على تعلم كيفية التعامل مع المواقف التي قد تنشأ عندما يصبحون أطباء (التدريب على التعاطف، على سبيل المثال).
السفر والسياحة
يمكن أن يكون الواقع الافتراضي مفيدًا للسفر الراقي. حيث يمكن للمستخدم أن يقوم بجولة افتراضية ليرى (ويشعر) الموقع الذي يرغب في زيارته، بدلاً من مشاهدة مقطع فيديو عبر الإنترنت أو النظر إلى صور ثنائية الأبعاد. على سبيل المثال، يمكن للفنادق أن تأخذك داخل ممتلكاتها، حتى تعرف ما يمكن توقعه.
الترفيه
الواقع الافتراضي يمنح القدرة على تقديم تجارب غامرة، والتي ستحدث تحولاً في مجال الترفيه. ستوفر الألعاب والأفلام بشكل متزايد للمستخدمين والمشاهدين القدرة على التفاعل مع القصص بطريقة شخصية للغاية (إذا رغبوا في ذلك). حيث أن القدرة على اختيار وجهة نظرك الخاصة في لعبة أو فيلم ستساعد في تقديم أشكال جديدة من المشاركة.
العقارات
يمكن للواقع الافتراضي تقديم مستويات مختلفة من التفاصيل التي تعتبر مهمة في تصميم المباني. كما يمكن للأشخاص استكشاف المنازل والمساحات التجارية في الواقع الافتراضي. ويمكن أيضا لمساحات العمل المشترك استخدام الواقع الافتراضي لوضع المستأجر المحتمل داخل المساحة قبل الانضمام.
البيع بالتجزئة
يمكن لتجار التجزئة مساعدة المستهلكين المحتملين على وضع أنفسهم في المواقف التي يمكنهم فيها "تجربة" الملابس أو الأشياء والتعرف على كيفية تفاعلهم مع البيئة. على سبيل المثال، يمكن للشخص أن يجرب اللباس ويضعه في بيئة افتراضية تحاكي الواقع الفعلي قبل شرائه.
الصناعة
باستخدام الواقع الافتراضي، يقوم المصممون والمهندسون باستخدام الواقع الافتراضي في تجربة بناء السيارات ومظهرها في العالم الافتراضي قبل استخدام الأشياء المادية باهظة الثمن. حيث تستخدم بعض الشركات مثل BMW هذه التكنولوجيا في التصميم المبكر والمراجعات الهندسية.
القوات العسكرية
يعد الواقع الافتراضي بالفعل أداة قيمة في عمليات محاكاة القتال والمواجهات وما شابه. حيث يمكن أن يحل محل تمارين الحياة الواقعية المكلفة والخطيرة في بعض الأحيان. القدرة على تغيير السيناريوهات تجعلها جذابة لجميع فروع الصناعة العسكرية والدفاعية.
غرف الاجتماعات
يزود المستخدمون أنفسهم بسماعات رأس تحاكي غرفة الاجتماعات، مكتملة بالزملاء والأثاث. يتيح تتبع الحركة، جنبًا إلى جنب مع الصور الرمزية الرقمية، للمستخدمين التحكم في ذواتهم الرقمية واستخدام الإيماءات. حتى أولئك الذين ليس لديهم سماعات رأس يستخدمون خلاصات فيديو كاميرا الويب المتراكبة في غرفة الاجتماعات الافتراضية.
وسائل التواصل الاجتماعي
يتيح الواقع الافتراضي للأشخاص إجراء اتصالات بطريقة أكثر فائدة. يمنح VRChat مجتمعه قوة الإبداع من خلال مجموعة واسعة من تجارب الواقع الافتراضي الاجتماعية. كما يمكن للمستخدمين قضاء أوقاتهم في اللعب والدردشة باستخدام ألعاب الواقع الافتراضي متعددة اللاعبين ومحطات الفضاء الافتراضية والصور الرمزية التعبيرية المتزامنة مع الشفاه والصوت المكاني ثلاثي الأبعاد.
الرياضة
يمكن استخدام الواقع الافتراضي كأداة مساعدة للتدريب في العديد من الألعاب الرياضية مثل ركوب الدراجات التزلج وركوب الدراجات والجمباز. كا أن بعض الجامعات الرياضية والعديد من فرق اتحاد كرة القدم الأميركية تستخدم أنظمة الواقع الافتراضي.
مستقبل الواقع الافتراضي
من المتوقع أن يحدث الواقع الافتراضي ضجة كبيرة في المستقبل القريب، نظرا لتوسع استخداماته في مجالات متعددة ومختلفة. إضافة إلى إمكاناته الهائلة والمثيرة. ومع تقدم التكنولوجيا، يمكننا أن نتوقع المزيد من الاستخدامات المبتكرة للواقع الافتراضي، مما يزيد من عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين العالمين المادي والافتراضي.
إن الاستخدام الحالي للواقع الافتراضي هو مجرد لمحة عن إمكانات هذه التكنولوجيا. أما في المستقبل سيصبح الواقع الافتراضي جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
إخلاء المسؤولية: المعلومات المقدمة في "موقع بوابة الكريبتو" حول مجال الكريبتو والتكنولوجيا الرقمية بشكل عام، هي لأغراض تعليمية فقط. نحن لا نقدم نصائح استثمارية أو توصيات لشراء أو بيع أي أصل رقمي. نوصي بشدة أن تقوم بإجراء أبحاثك الخاصة قبل الدخول إلى مجال العملات الرقمية. حيث أن التداول والاستثمار في العملات الرقمية يحملان مخاطر عالية قد تؤدي إلى خسائر مالية كبيرة. كما ينبغي أن تكون على دراية بأن القوانين المتعلقة بتداول العملات الرقمية تختلف من بلد إلى آخر، وقد تتعرض لعقوبات قانونية إذا قمت بالتداول في مناطق غير مسموح بها أو إذا لم تلتزم بالتشريعات المحلية. نحن غير مسؤولين عن أي خسائر أو عقوبات قد تتعرض لها نتيجة لاستخدامك لمحتوى الموقع. يعتمد قرار الاستثمار أو التداول بالكامل على مسؤوليتك الشخصية.